من مواقف يوم القيامة
فقد روي في "الكافي"، بإسناده عن سيّد العابدين عليه السلام، فقال: "حدّثني أبي أنّه سمع أباه علي بن أبي طالب عليه السلام، يحدّث النّاس، قال: "إذا كان يوم القيامة، بعث الله تبارك وتعالى النّاس من حفرهم جرداً مرداً في صعيدٍ واحدٍ، يسوقهم النّور وتجمعهم الظلمة، حتّى يقفوا على عقبة المحشر، فيركب بعضهم بعضاً، ويزدحمون عليها دونها، فيمنعون من المضيّ، فيشتدّ أنفاسهم، ويكثر عرقهم، وتضيق بهم أمورهم، ويشتدّ ضجيجهم، وترتفع أصواتهم"، فقال: هو أوّل هولٍ من أهوال القيامة، قال: فيشرف الجبّار تبارك وتعالى عليهم، من فوق عرشه في ظلال من الملائكة، فيأمر ملكاً من الملائكة، فينادي فيهم: يا معشر الخلائق، أنصتوا واستمعوا منادي الجبّار، قال: فيسمع آخرهم كما يسمع أوّلهم، قال: فتنكسر أصواتهم عند ذلك، وتخشع أبصارهم، وتضطّرب فرائصهم، وتفزع قلوبهم، ويرفعون رؤوسهم إلى ناحية الصّوت، ﴿مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ﴾، قال: فعند ذلك يقول الكافر: ﴿هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ﴾1 قال: فيشرف الجبّار- تعالى ذكره - الحكم العدل عليهم، فيقول: "أنا الله الذي لا إله إلا أنا الحكم العدل الذي لا يجور، اليوم أحكم بينكم بعدلي وقسطي، لا يُظلم اليوم عندي أحدٌ، آخذ للضّعيف من القويّ بحقّه، ولصاحب المظلمة بالمظلمة، بالقصاص من الحسنات والسّيّئات وأثيب على الهبات، ولا يجوز هذه العقبة اليوم عندي ظالمٌ، ولا أحدٌ عنده مظلمةٌ، إلا مظلمةً وهبها صاحبها، وأثيبه عليها، وآخذ له بها عند الحساب..." إلى آخر الحديث الشّريف الطّويل2.
* من كتاب بصر الهدى، سلسلة وصايا العلماء،
1- سورة القمر، الآية 8.
2- الكليني، الكافي، ج 1، ص 150.